تعالوا نتعلم من القنافذ فن التخاطب مع الشركات الكبرى!

كل حين تطالعنا مقالات تطالب بمقاطعة هذه الشركة وتكبيد تلك المؤسسة الخسائر وفضحها وشتم القائمين على الجهة الحكومية الفلانية لأسباب متراوحة قد يكون بعضها جادا وخطيرا.. ويكون البعض الآخر شخصيا ومن باب تصفية الحسابات أو التنافس الغير شريف بين الشركات.

وفي أغلب الحالات، تبوء هذه الحملات بالفشل فلا ترضخ الشركات للمطالب وينسى الجميع الحملة بعد حين ويعودون لحياتهم الاستهلاكية المعتادة!

قرأت اليوم خبرا عن جمعية للحفاظ على القنافذ في بريطانيا. بدأت حملة شعبية واسعة ضد شركة مكدونالدز العالمية. لهدف قد يبدو لأغلبكم تافها! وجد أحدهم قنفذا وقد أدخل رأسه داخل كوب الآيس كريم (ماك فليري) الذي تنتجه مكدونالدز. وعندما أراد الخروج منعته أشواكه من ذلك!

صورة قنفذ
فبدأت الجمعية حملة واسعة لحث مكدونالدز على تغيير تصميم كوب الآيسكريم بحيث لا يضر القنافذ التي تشدها رائحة بقايا الايسكريم في علب القمامة والمخلفات!

الجدير بالذكر هو أن الجمعية شددت وأكدت على أعضائها وغيرهم من المشتركين في الحملة على التصرف بأدب واحترام تجاه شركة مكدونالدز ومنتسبيها. وعدم التطاول على أي منهم أو تحقير المنتجات أو التقليل من قيمتها. وبالفعل استمرت الحملة لفترة. وامتازت بالهدوء والاحترام. وفي النهاية خضعت شركة مكدونالدز وأعلنت أنها ستغير تصميم الكوب ليناسب القنافذ!

استغربت كثيرا من نجاح جمعية خيرية يبلغ رأس مالها 120 ألف جنيه استرليني في فرض وجهة نظرها ((التي لا تقنع حتى الأطفال. فالقنافذ حتما ليست من زبائن مكدونالدز)) على مؤسسة عالمية ضخمة تتواجد مطاعمها في كل مدن العالم. وكلكم يعرف أن تغيير تصميم عبوة مثل هذه سيكلف الشركة ملايين الدولارات!

وتمنيت أن نصل يوما لهذا المستوى الرفيع من الرقي في الاختلاف. فهل سننجح يومها في إركاع شركة عالمية عن طريق العتب اللطيف؟

صورة قنفذ
إليكم نص الخبر:

رغم مكانتها الاقتصادية وجبروتها في السوق، قررت سلسلة مطاعم الوجبات السريعة الأميركية، ماكدونالدز، نزولا عن رغبة احدى منظمات الرفق بالحيوان في بريطانيا، تغيير تصميم علبها التي تقدم فيها حلوى «ماكفليري»، وذلك رأفة بحياة القنفذ القريب الى قلب البريطانيين.

اذ استطاعت «المنظمة البريطانية من أجل الحفاظ على حياة القنفذ»، والتي ينتسب إليها 12 ألف عضو، ويدخلها 126 ألف جنيه استرليني، من إجبار المؤسسة العملاقة، التي يقصدها 50 مليون شخص في اليوم في جميع انحاء العالم ودخلها السنوي قدر بأكثر من 20 مليار سنويا، من اجبار ماكدونالدز على اعادة تصميم علبة حلوى «ماكفليري» بعض الحملة التي اطلقتها، والتي اعتبرت الأكثر تهذيبا في تاريخ حملات الضغط البيئية والخيرية.

وبدءا من هذا الشهر سوف تبدأ ماكدونالدز استعمال علب «اكثر رأفة بالقنفذ» منذ بدء الحملة التي اطلقتها المنظمة قبل ست سنوات. ومن خلال حملتها الهادئة الطويلة النفس تمكنت المنظمة الخيرية البريطانية من تسجيل اهدافها بنجاح ضد واحدة من اكبر واضخم الشركات في العالم، واكثرها اثارة للجدل. لقد حاولت منظمات كثيرة في جميع انحاء العالم اطلاق حملات بخصوص قضايا مختلفة، بعضها بيئي وبعضها يخص طريقة عمل ماكدونالدز في بعض دول العالم الثالث، الا ان هذه المنظمات لم يحالفها النجاح. بدأت القضية عام 2001 عندما لاحظ ساعي بريد بريطاني وجود قنفذ في علبة «ماكفليري» مستعملة، كانت قد القيت جانبا، وكان هذا الحيوان الأليف المكسي جسمه بالشوك يحاول الخروج منها بدون نجاح. وقام الساعي بانقاذ حياة القنفذ والاتصال بالمنظمة الخيرية، التي تعتني بحياته وتسهر على راحته. بعد ذلك اطلقت المنظمة حملتها لاقناع ماكدونالدز بخطورة علبها على هذا الحيوان، الذي تستهويه رائحة الحلوى مما يجعله يدخل صناديق القمامة ليلتهم ما تبقى من الحلوى في العلبة. وبسبب تصميم العلبة، يتمكن القنفذ من ادخال رأسه من فتحتحها، ولكن بسبب اشواكه يجد صعوبة في الخروج منها ويبقى معلقا داخلها، «مما قد يسبب له الموت بسبب الجوع والعطش»، كما قالت المنظمة أمس في تصريح لصحيفة «الاندبندنت» البريطانية اليومية. وقالت المنظمة انها طلبت من ماكدونالد بأدب من خلال اعضائها واصدقائها لتغيير شكل العلبة. وكتب جميع هؤلاء الى الشركة الأميركية مطالبينها الرأفة بهذا الحيوان «اللطيف».

وطالبت المنظمة في حملتها من اعضائها «عدم اللجوء الى اللغة غير اللائقة أو التجريح أو التوبيخ، أو لغة التهديد أو حتى استعمال العبارات الساخرة أو البذيئة من طريقة عمل الشركة أو ما تقدمه من مأكولات». هذه بعض التعليمات التي حددتها المنظمة الخيرية في رسالتها لأعضائها التي وضعتها على موقعها الإنترنت. وبعد قرار ماكدونالدز لتغيير شكل علبتها، اذ اصبحت فتحت العلبة أصغر من قبل ولا تسمح للقنفذ بإدخال رأسه فيها، ردت المنظمة الخيرية، مستمرة بنفس اللغة الهادئة، قائلة «اننا سعداء جدا بالقرار. سوف يساعد ذلك بالحفاظ على حياة القنافذ». (المصدر)

صورة قنفذ

نشر للمرة الأولى في الساحة العربية بتاريخ 14 سبتمبر 2006.
صاحب هذه المدونة. إماراتي متعدد الإهتمامات. أكتب ما أفكر فيه حتى لا أنساه. حسابي على تويتر هو (jaberm_ar).

هل ترغب أن تشارك في التعليقات؟ إذاً تفضّل :)